محمد دهمان
لا يوجد أحد لم يسمع بعد عن هذه العملة المشفرة , فعلى مدار قرابة العقد من إطلاقها من اليابان (تحديداً عام 2009) كانت لا تساوي شيئاَ والمعتوه من يدفع المال مقابل إقتنائه حفنة من هذه الأموال الوهمية, ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن فقد بدأ تداول هذه العملة واتساع رقعة التعامل بها وتداولها تدريجياً وبدأ معها سباق سعرها المجنون من 10 بتكوين تساوي 1 دولار إلى 1 بتكوين يساوي قرابة الـ 20 ألف دولار! ومازال منحنى سعر هذه العملة يتجه إلى الأعلى كأنه ذاهب بلا نهاية (نظرياً).
قبل أن نستطرد الحديث عنها, دعونا في البداية أن نعرف أولاً ماهي بتكوين هذه؟ وما حكايتها؟ ومن أين تأتي قيمتها وقوتها الشرائية؟ وما الذي أكسبها هذه القوة السعرية المجنونة؟
في البداية , فإن نجم ولادة هذه العملة قد بدأ بالبزوغ في عام 2008 (في خلال أعوام أزمة الرهن العقاري آنذاك) وصاحب فكرة هذا المشروع كان شخص ذو إسم مستعار يدعى ساتوشي ناكاموتو الذي طرح فكرة بيتكوين للمرة الأولى في ورقة بحثية في عام 2008 ووصفها بأنها نظام نقدي إلكتروني يعتمد في التعاملات المالية على مبدأ Peer-To-Peer أي الند للند (وهو مصطلح تقني يعني التعامل المباشر بين مستخدم وآخر دون وجود وسيط آخر من خلال فقط شبكة تربط بينهم سواء الإنترنت أو أي شبكة محلية), وحسب ما ذكره القائمون على مشروع بتكوين فإن الهدف الأساسي والرئيسي لنشأة وظهور هذه العملة كان تغيير الإقتصاد العالمي بنفس الطريقة التي غيرت بها الويب أساليب النشر.
تُعرف أيضاً هذه العملة بالعملة المعمّاة (CryptoCurrency) ويُقصد بذلك أنها تعتمد بشكل أساسي على مبادئ التشفير في جميع جوانبها كما أنها تُعتبر أيضا العُملة الأولى من نوعها والأكثر شهرة وانتشاراً لكن رغم ذلك ليست العُملة التشفيرية الوحيدة الموجودة على شبكة الإنترنت حالياً حيث يتوفر ما يزيد عن 60 عُملة تشفيرية مُختلفة منها 6 عُملات يُمكن وصفها بالرئيسية وذلك اعتمادًا على عدد المُستخدمين وبنية كل شبكة إضافة إلى الأماكن التي يُمكن استبدال وشراء هذه العُملات التشفيرية مُقابل عُملات أخرى.
جميع العُملات التشفيرية الحالية مبنية على مبدأ عمل عُملة بيتكوين نفسها باستثناء عُملة Ripple وبما أن عُملة بيتكوين مفتوحة المصدر فإنه من المُمكن استنساخها وإدخال بعض التعديلات عليها ومن ثم إطلاق عُملة جديدة.
لعل أكثر ما يميز العملات الإلكترونية (بتكوين موضوع مقالتنا الحالية) هو أن هذه العملة كسرت منطق وثوابت قوانين الإقتصاد, فكلنا نعلم أنه لكل دولة بنك مركزي خاص بها يشرف على إصدار العملة الوطنية وتحديد قيمتها ومراقبة آلية العرض والطلب والتدخل وتحديد أسعار الصرف وأسعار العملات الأجنبية مقابلها وتبادل الأموال بين الناس, أما بتكوين فلا يوجد أي جهة رسمية حكومية تشرف على توليد هذه العملة وعرضها للبيع رسمياً بل العرض والطلب هما الوحيدين الذين يحددان قيمتها, أي إن جل قيمتها يأتي من ثقة المتداولين بها والطلب عليها.
وهنا يكمن السؤال الجوهري لفهم هذه العملة فعلاً : ما الذي سيجعل الناس والمتداولين يثقون ويطلبون هذه العملة ويشترونها ويضاربون على بورصتها؟ أي إننا كأفراد ما الذي يدفعنا للقيام بذلك؟