ورث خالد بشار الحلبي ، صناعة آلة العود الموسيقية عن جده جودت الحلبي الذي أهدى المغنية المصرية الراحلة أم كلثوم أثناء زيارتها إلى دمشق عام 1955 , عوداً قام بصناعته من القصب ونقش على زنده عبارة “لا يُعرف المرء في عصره” , ولا يزال العود محفوظاً في متحف القاهرة , بينما ألجات الأحداث في سورية حفيده خالد إلى كندا , ليبدأ من ضواحي مدينة تورنتو مصنعاً لآلة العود التي يحمل آرثها عن عائلته
ويقول خالد : “لماذا نكتب صُنع في كندا؟ أنا سوري وأعتز بسوريتي , لو كان الشرق يدرك أهمية العود والموسيقى، لما كنت الآن في كندا ولما حلَّ في دولنا ما حلّ” , تعلم في سورية سر الصنعة طفلاً من والده بشار وجده جودت فتوصَّل لأن يصنع عوداً من ألفه ليائه بشكلٍ منفردٍ في عمر السادسة عشرة فقط , وقبل أن يهاجر إلى كندا , عاش في الأردن ثم في لبنان عدة سنوات مع عائلته
وبعد أن وصل إلى “بلد الأحلام” انتقل إلى مستوى آخر من الطموح والسعي وصل إلى حد التفكير في ابتكار إضافاته وبصماته على صناعة العود , وعندما زار معملاً لصنع آلة الغيتار في تورنتو , تنبه لاتباع معايير ومواصفات ثابتة لا تتغير مع الزمن , وبدأ خالد التعاون مع خبراء في التسويق، كما تعاقد مع مهندس في مجال الصوت , وحدد هدفه بالوصول بهذه الصناعة إلى العالمية , ثم أطلق علامة تجارية لأعواد جديدة باسم “طربلك” وهي أعواد بمواصفات ومعايير ثابتة وعالية الجودة
ويقول الحلبي , ينما يقلب بيديه نشارة الأخشاب ، يتبدى له المزيج الرائع للألوان النارية : “دلل الأخشاب في كندا مثلما تدلل الأبقار في هولندا , كل خشبة مسجّل عليها العمر، والنوع، ونسبة الرطوبة، وطريقة التوضيب”. ويعلق على ذلك ضاحكاً : “لم يبقَ إلا أن يقولوا لنا من قطعها”. لكن، على الرغم من ذلك يقول عندما يفاضلها مع خشب الجوز: “هنا الجودة أفضل ، وهناك العِرق أجمل” , و
أول عود صنعه خالد في كندا أهداه لرئيس وزرائها جاستن ترودو , في بدايات لجوئه عام 2019 , وكتب على زند العود مطلع النشيد الوطني الكندي “أو كندا” فيما نقش على ظهره العلم الكندي ، وقال أنه يمثل عربون وفاء وشكر لرئيس وزراء كندا ولسياسته في استقبال آلاف اللاجئين السوريينأما عن لقاءه بترودو , قال خالد أنه كان يدرس اللغة الإنكليزية مع زوجته التي أخبرت مديرة معهد اللغة برغبة خالد في إهدائه لترودو , تولت الأخيرة التواصل مع مكتبه وأرسلت مقطع فيديو يحكي عن خالد ومسيرته بصناعة العود ، فكان اللقاء بعد أسبوعين فقط , ذهب خالد مع أطفاله وزوجته . يقول خالد : “كاشفته بحلمي في تأسيس معمل عالمي لصناعة العود في كندا ، وطلبت مساعدته لتحقيق فكرة صنع مجسم لعود كبير ونصبه في إحدى ساحات تورونتو كي يتعرف الكنديون على هذه الآلة ، وبإطلاق اسم عربي على أحد شوارع المدينة , حينها ابتسم ترودو، وصمت قليلاً ثم علَّق : آمل ذلك”.