ارتفعت أعداد المهاجرين والمسافرين اللّبنانيّين بحثًا عن فرصة عمل ، أو عن خدمات معيشية أفضل , ويعاني لبنان اليوم أكبر أزمة اقتصاديّة في تاريخه ، انعكست على نمط الحياة اليومي للّبنانيّين بالكامل ، إذ بات الشّعب يعمل من أجل تأمين لقمة عيشه فقط ، متخلّيًا عن الحاجات الثّانويّة والكماليّات , فمطلع يونيو الماضي، وصف البنك الدولي الأزمة في لبنان، بأنّها “الأكثر حدّة وقساوة في العالم” وصنّفها ضمن أصعب ثلاث أزمات سُجّلت في التّاريخ منذ أواسط القرن التاسع عشر.
وذكرت “الدولية للمعلومات” أن عدد اللبنانيين المهاجرين والمسافرين، منذ بداية العام 2021 وحتى منتصف نوفمبر 2021 ، قد وصل إلى 77,777 فردًا، مقارنةً بـ 17,721 فردًا في العام 2020 , وتعد كندا واحدة من أبرز وجهات الهجرة التي يقصدها اللبنانيون , وبحسب تقرير للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، أصبح الفقر يطال 74 بالمئة تقريبًا من مجموع السكّان في لبنان ، بعدما كان يسجّل 55 بالمئة في العام 2020، و28 بالمئة في العام 2019
وما سرع هذا الأمر ، هو فقدان العملة الوطنية قيمتها مقابل الدولار الأميركي ، ففقدت بالتالي رواتب اللّبنانيّين قيمتها وانخفضت قدرتهم الشّرائيّة , وكانت قيمة اللّيرة اللّبنانيّة مقابل الدّولار مستقرّة طوال أكثر من ربع قرن عند حدود 1510، إلّا أنّها اهتزّت للمرّة الأولى في ديسمبر 2019، وبدأت تتدهور تدريجيًّا حتّى لامست الـ 29 ألف ليرة للدولار الواحد في الجاري , وارتفع معدّل جرائم السّرقة في العام 2021، بنسبة 137 بالمئة عن العام 2020 , وعزت المؤسسة أسباب هذا الارتفاع إلى الأزمة الاقتصاديّة والمعيشيّة وارتفاع نسبة البطالة
ويقول الاستشاري في القانون الكندي أنيس أبي سعد , إنّ “نسبة تقديم طلبات الهجرة إلى كندا ارتفعت من 20 بالمئة إلى 40 بالمئة خلال العام 2021، كرقم تقديري”، مشيرًا إلى أنّ “أكثر من يقدّمون طلبات الهجرة هم من الفئة الشّابة وأصحاب الاختصاصات” , هذا في ما يتعلّق بالهجرة النّظاميّة ، ولا توجد إحصاءات رسميّة لعدد الأشخاص الّذين غادروا لبنان عن طريق الهجرة غير الشرعيّة ، والّتي تتمثّل بمغادرة الأراضي اللبنانية عبر قوارب أو مراكب صغيرة، تنطلق من شواطئ لبنان إلى دول أوروبية
ويرى مطلعون أن “النسبة الأكبر من المهاجرين هي من الفئة الشابة ، ما يعني أن التركيبة الديمغرافية للبلد ستتغير ، وسيفقد المجتمع اللبناني نسبةً كبيرةً من الفئة المنتِجة أو القادرة على الإنتاج , وأعد “مرصد الأزمة” التابع للجامعة الأميركية في بيروت، تقريراً يرصد ما وصفه بـ “موجة الهجرة الثالثة” لافتا إلى أن البلاد دخلت هذه الموجة بالفعل ، حيث تشهد منذ أشهر ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات الهجرة والساعين إليها، ومحذراً من عواقبها طويلة الأمد على مصير لبنان
وكشف الأب طوني خضرا رئيس مؤسسة “لابورا” المعنية برصد مشكلة الفقر والبطالة، في تصريح لإذاعة “صوت لبنان” الخاصة , عن أن 230 ألف مواطن هاجروا من لبنان خلال الشهور الأربعة الأولى من العام الجاري , وأكد أن “90% من اللبنانيين الحاملين لجنسيات أجنبية غادروا لبنان في سبتمبر الماضي ، بهدف الهجرة خارج البلاد” , وأضاف خضرا أن الهجرة طالت أيضا قطاع الأعمال والتجارة ، حيث أن هناك مجموعة كبيرة من الأشخاص ممن نقلوا أعمالهم إلى خارج لبنان لانعدام الحاجات الأساسية كالكهرباء والماء وغياب الأمن، بالإضافة إلى أزمة الأموال والمصارف.
وتشير أرقام “الدولية للمعلومات” إلى أن عدد اللبنانيين المهاجرين والمسافرين منذ بداية العام وحتى منتصف تشرين الثاني 2021 وصل إلى 77,777 فرداً مقارنة بـ 17,721 فرداً في العام 2020. وتبين أن عدد اللبنانيين الذين هاجروا وسافروا من لبنان خلال الأعوام 2018- 2021 بلغ 195,433 , وقال أكثر من 60 في المئة من المواطنين إنهم سيغادرون البلاد إذا استطاعوا ذلك , وتعد كندا وألمانيا أكثر الوجهات المرغوبة لهم ، وفق تقرير نشرته مؤسسة “غالوب” البحثية