موقع الاقتصاد الكندي على خارطة المنافسة العالمية

فيما تشير جغرافية كندا إلى أنها يمكن أن تصبح قوة اقتصادية عالمية “إلا أن القليل من الناس يتحدثون عن هذا الأمر بهذه المصطلحات”، وفق الكاتب والخبير الاقتصادي البريطاني ، تيج باريك ، في مقال له بصحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية , فالاقتصاد الكندي يحتل المرتبة الـ 15 عالمياً من حيث الحجم ، خلف دول مثل تركيا وإيطاليا والمكسيك وتتوقع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن يكون نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الكندي حتى العام 2060 هو الأدنى بين الدول المتقدمة.

وقد ازدهرت كندا في مطلع القرن العشرين . وكان التصنيع على قدم وساق ، وتدفقت الاستثمارات من المملكة المتحدة والولايات المتحدة , في العام 1904، تنبأ رئيس الوزراء آنذاك، ويلفريد لوريير، بأن “القرن العشرين سيكون قرن كندا والتنمية الكندية” , مع ذلك، فإن التوسع في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية أفسح المجال لفترات من التضخم المرتفع، وارتفاع العجز، وانخفاض أسعار السلع الأساسية , لم تكن توقعات لورييه صحيحة بالنسبة للقرن الماضي، وحتى الآن لم تكن صحيحة بالنسبة للقرن الحادي والعشرين أيضًا.

وبحسب تقديرات تقرير “العالم في العام 2050” الصادر عن شركة برايس ووترهاوس كوبرز، فمن المتوقع أن يتراجع التصنيف الاقتصادي العالمي لكندا إلى المرتبة 22 بحلول منتصف القرن , ووفق المقال المشار إليه ، يأتي ضعف الإنتاجية في قلب تحديات النمو التي تواجهها البلاد ، ذلك أنه “في ساعة واحدة ينتج العامل الكندي ما يزيد قليلا عن 70 بالمئة مما يستطيع العامل الأميركي إنتاجه، وهذا أقل أيضاً من منطقة اليورو وحتى المملكة المتحدة استناداً إلى بيانات 2022”

بينما كان كثيرون يتوقعون أن يستفيد الاقتصاد الغني بالموارد مع تقدم العولمة ، ولكن إنتاجية العمل النسبية تراجعت بالفعل منذ العام 2000 , وسعت كندا بقوة إلى إبرام اتفاقات التجارة الحرة ؛ وهي حالياً الدولة الوحيدة من مجموعة السبع التي لديها مثل هذه الاتفاقات سارية المفعول مع جميع أعضاء المجموعة الآخرين. لكنها لم تتمكن من الاستفادة من ذلك , ويقول الاستاذ بكلية “آيفي بيزنس”بجامعة ويسترن أونتاريو، جورج أثاناساكوس ، في مقال تحليلي “كندا تواجه مشكلة إنتاجية تفاقمت في السنوات الأخيرة”

وزاد نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بوتيرة أبطأ بكثير من تلك الموجودة في بلاد مثل أستراليا ونيوزيلندا وبريطانيا والولايات المتحدة منذ العام 1980 , ونما نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنحو 4.8 بالمئة سنوياً بين عامي 1980 و2022 في تلك البلدان الأربعة ، مقابل 4.1 بالمئة فقط في كندا , وفي العام 2015، نما بنحو 4.1 بالمئة في تلك البلدان الأربعة و3.2 بالمئة فقط في كندا , وزيادة الإنتاجية هي الطريقة الوحيدة لإضافة الثروة وخلق القيمة على المستوى الوطني.

ولتغذية نمو الإنتاجية، نحتاج إلى سياسات تشجع وتكافئ ريادة الأعمال وتحمل المخاطر , وقال أثاناساكوس “نحن بحاجة إلى نمو العمالة في القطاعات الإنتاجية من الاقتصاد” , ويضيف الاستاذ بكلية “آيفي بيزنس”بجامعة ويسترن أونتاريو ، سبباً آخر من المشكلات المرتبطة بالسياسات الاقتصادية في كندا، وهي أن البلاد لا تزال تعاني من الإفراط في الاستثمار في مشاريع أقل بالنسبة للقطاع الإنتاجي للاقتصاد ، موضحاً أن النشاط المتعلق بالإسكان على سبيل المثال أكبر من أي قطاع آخر من قطاعات الاقتصاد ، بما في ذلك التصنيع والتعدين والنفط والغاز.

ويرى أثاناساكوس أن “الاستراتيجيات الاقتصادية التي تعتمد على العقارات لتحقيق النمو ليست في محلها وتحتاج إلى إعادة النظر فيها، بحيث يتعين توجيه الاستثمارات إلى المزيد من الصناعات المعززة للإنتاجية، مثل الروبوتات والأمن السيبراني والمواد المضافة على سبيل المثال لا الحصر” , ويقول باحثون في مركز الإنتاجية والازدهار التابع لجامعة HEC مونتريال ، إن الصناعة الكندية ليست قوية بما يكفي للمنافسة عالمياً. وأن المساحة الشاسعة للبلاد والجغرافيا الجبلية والتشريعات الإقليمية قد تعيق المنافسة والاستثمار والابتكار بين شركاتها ، وفق ما نقله تيج باريك في “فاينانشال تايمز”.

وذكر باريك , أن “كندا لديها واحدة من أدنى الكثافة السكانية في العالم”، ذلك بعد أن انخفض معدل الخصوبة فيها بشكل حاد، وبالتالي وليس لديها ما يكفي من الناس للاستفادة من إمكاناتها الاقتصادية , تحتل كندا مرتبة عالية في مؤشرات الصحة والتعليم والرضا عن الحياة، وتعتبر مدنها الرائدة (كالغاري وفانكوفر وتورنتو) من بين أفضل المدن للعيش في العالم. وتصنف البلاد باستمرار بين أفضل الوجهات للمهاجرين , وبحسب باريك، فإن جاذبية كندا كمكان للعيش فيه وانفتاحها على الهجرة يعني أن هناك مجالاً لتغيير مشاكلها الديموغرافية.

شاركها ...

{{ reviewsTotal }}{{ options.labels.singularReviewCountLabel }}
{{ reviewsTotal }}{{ options.labels.pluralReviewCountLabel }}
{{ options.labels.newReviewButton }}
{{ userData.canReview.message }}

Your monthly usage limit has been reached. Please upgrade your Subscription Plan.

°C
km/h

الأكثر مشاهدة

Scroll to Top