قبل أسابيع من احتفالات نهاية العام ، يواجه جيف غيلروي من وكالة “غاست بي كلوز” وضعا صعباً ، إذ اكتفى بتوظيف 24 شخصا لتجسيد “سانتا كلوز” في حين انه بحاجة إلى عدد أكبر بعشر مرات , ويقول بحسرة “اضطررت إلى أن أرفض تلبية طلبات 200 حفلة وما زلت أرفض كل يوم” , أما إريك إيغاري فقد جرّب كل شيء ، من الاتصال بالأصدقاء وحتى الزبائن المنتظمين ، لسد النقص في عدد العاملين في مطعمه المكسيكي “كورازون دي ميز” في أوتاوا.
وعلى واجهة المطعم ، كما هي الحال أمام الكثير من المتاجر في العاصمة الكندية أو في مونتريال ، ملصق كتب عليه “نبحث عن موظفين” , وقال صاحب المطعم في مقابلة “الأمر صعب للغاية” ، بينما كانت زوجته تغسل الطماطم في المطبخ ، وقد ظهرت على كليهما علامات التعب , وأدى رفع القيود المرتبطة بالوباء في المطاعم خلال الصيف إلى عودة الزبائن. ولكن مع استمرار غياب اثنين من الموظفين ، يعجز الزوجان عن تلبية الطلب
ومنذ فترة ليست ببعيدة ، عمل طبّاخ تم توظيفه حديثًا ثلاث ساعات فحسب وما لبث أن استقال ، معتبراً أن العمل شاق والراتب غير كافٍ , ويضيف أيغاري “الآن نحن مرغمون على الإغلاق مبكراً لأنني وزوجتي نشعر بتعب شديد” , وكان عدد الوظائف الشاغرة في كندا حوالي 872 في أغسطس ، منها 157 ألفاً في المطاعم و121 ألفاً في القطاع الصحي ، أي نحو ضعف ما كان عليه عام 2019، وفقاً لأرقام إحصاءات كندا الرسمية الصادرة في أكتوبر.
وبشكل عام ، قال 55% من أصحاب العمل أنهم يجدون صعوبة في التوظيف ، ما يرغمهم على العمل لساعات أطول وتأجيل الطلبات أو رفضها ، وفقاً لدراسة أجراها بنك رواد أصحاب العمل الكنديين ، وأظهرت أنأكثر من ربعهم يجدون صعوبة في الحفاظ على موظفيهم , والقطاعات الأكثر تضرراً هي الصحة والغذاء والتصنيع والبناء ، ولا سيما في مقاطعات أونتاريو وكيبيك وبريتيش كولومبيا.
ففي كيبيك ، دقت اتحادات أرباب العمل الكبرى أخيراً ناقوس الخطر وتحدثت عن “أزمة غير مسبوقة وكارثة اقتصادية” ، داعية الحكومة إلى فتح أبواب استقبال المهاجرين أكثر , ويعود هذا الوضع إلى عوامل عدة ، منها شيخوخة السكان ، والتراجع الأخير في الهجرة بسبب قيود السفر المرتبطة بالوباء والتي لم ترفع إلا في سبتمبر، على ما يوضح ترافيس ستراتون ، الخبير الاقتصادي في شركة “ديلويت كندا”.
ويضيف هذا الخبير أن الكثير من الموظفين في قطاع المطاعم اختاروا ، كما هي الحال في أي مكان آخر في العالم ، تغيير مجال عملهم، وهم “يبحثون الآن عن مزيد من الاستقرار” , كما يتسبب النقص في القطاع الطبي بمعضلة. ففي جنوب غرب مونتريال ، بات مستشفى لاتشين يوقف العمل في قسم الطوارئ بعد الساعة السابعة والنصف مساءاً بسبب “النقص الحاد في عدد الممرضات”، على ما توضح الناطقة باسم المستشفى غيلدا سالومون.
ودفع هذا النقص في اليد العاملة مقاطعتي كيبيك وأونتاريو إلى التخلي عن فرض التطعيم على مقدمي الرعاية الصحية , وفي بعض القطاعات، يتم رفع الرواتب لجذب المرشحين للعمل ، لكن هذا “ليس خياراً بالنسبة للعديد من الشركات الصغيرة التي لا تزال تكافح للتعويض عن الخسائر الناجمة عن الوباء” حسب تقديرات جاسمان غينيت، من “الاتحاد الكندي للشركات المستقلة”.
وفي المتوسط ، راكمت الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم في كندا 170 ألف دولار كندي , من الديون خلال الوباء ، وفقاً لاستطلاع أجراه هذا الاتحاد. وكانت حوالي 180 ألف شركة ، أو واحدة من كل ست شركات ، معرضة لخطر التوقف عن العمل , ويعترف رومان بيسو صاحب مقهى “مير غران” في وسط مدينة مونتريال بذلك بالقول “ليس لدينا قدرة على المنافسة لأننا غير قادرين على تحمل ذلك” , ويقول أنه خلال 21 أسبوعاً تلقى خمسة طلبات توظيف فقط، بينها ثلاثة قدمها مراهقون لتولي وظائف مُعِدِّي قهوة وطهاة.
وقال بحسرة “لقد مرت فترة لم اتلق خلالها أي طلب جديد”، واصفاً ذلك بأنه “كارثة” , بالنسبة لمؤسسته ، وهي من فئة الأربع نجوم، يبحث بونوا بريتي مدير فندق “بلاس دارم” في مدينة كيبيك عن حوالي 25 شخصاً في مختلف الوظائف ، من الاستقبال إلى صيانة الغرف والمطبخ , ويضيف “من الصعب فتح الفندق بنسبة تشغيل كاملة عندما يكون الزبائن فيه”، وأعرب عن “قلقه بشأن موسم الأعياد” وربيع 2022.