على مدى سبع سنوات ، وبعد التردد على أكثر من 20 طبيبا من الأردن إلى كندا ، كان كل ما تسمعه الشابة إسراء التايه هو أنها بخير. رغم ذلك لم تختف الأعراض , وقالت إسراء ، التي تبلغ من العمر الآن 18 عاما ، إن الأطباء لم يكونوا يصدقونها وكانت إشارتهم تشير بأصابع اللوم إليها بالمبالغة ، فيما هي تعاني ولا يشعر بألمها أحد , وإسراء شابة أردنية مصابة بمتلازمة يطلق عليها “إهلرز دانلوس” وهي صعوبة التنفس , وبالرغم من كل هذه التحديات حصلت على الحزام الأسود في التايكوندو , عندما كانت في العاشرة من عمرها
بدأت معاناة إسراء التايه مع صعوبة التنفس وحساسية الجلد وألم المفاصل , وكانت على يقين من أن هناك خللا ما ، لكن الأطباء عاجزون عن تحديده , وأوضحت “بعد ما كنا نعمل فحوصات وتطلع سليمة ، كنت أتفاجأ لأنه أنا عارفة إنه أنا عم بشعر بالألم يومياً وعم بمر فيه، ولكنه ليس واضحاً هذا الشي بالفحوصات، حتى الدكاترة ما عم بصدقوني. يمكن عم بتبالغي برد الفعل عندك، فكنت كتير أزعل لأنه أنا عم بحس بشي، وعم بعاني معاناة حتى من هو أمامي قدامي لا يشعر بنصف ما أشعر به، بالآخر بيحكولي بتألفي وبتمثلي”.
عندئذ قررت إسراء أن تبحث بنفسها ، وقضت ساعات في المكتبة وعلى الإنترنت ، تقرأ في أعراض الأمراض النادرة ، وتدونها بدقة لمعرفة ما إذا كانت تتطابق مع حالتها, وتقول التايه ، إنها عثرت في بحثها على متلازمة يطلق عليها (إهلرز دانلوس)، وأصيبت بالذهول عندما لاحظت أن أعراضها تتطابق تماما مع حالتها. وأكد الأطباء التشخيص في وقت لاحق , ومتلازمة إهلرز دانلوس مرض نادر يصيب واحدا من كل ما بين 10000 و20000 إنسان في العالم. يؤثر المرض على الأنسجة الضامة بالجسم، وتتجلى أعراضه في مشاكل المفاصل والجلد والجهاز الهضمي. ولا يوجد أي علاج له في الوقت الراهن.
وتوضح “بالأول لما كنت أروح وأضل ساكتة، ما أحكي إلي بعرفه، ما أحكي وجهة نظري، احتراما للدكتور وعشان إنه خلاص أنا بنت صغيرة شو بفهمني، بس بعدين لما شفت الدكاترة مو عارفين وهيك، صرت أحكي، أعطي رأي، أبحث وأقرأ عشان أقدر أساعد الدكاترة يوصلوا لحل أو جواب للي عم بصير معي، فبالأول أكيد كنت ما أرضى أحكي، بس بعدين لما شفت إنه وصلنا لحالة من الفوضى اضطريت أحكي ويوصل صوتي” , وقالت إسراء، إنها شعرت بسعادة غامرة بالوصول إلى التشخيص في نهاية المطاف وفهم ما يحدث داخل جسدها، لكنها حزنت بشدة لعدم وجود أطباء يمكنهم علاجها.
وأضافت ، “لما اتشخصت وعرفت إنه ما في أي دكتور متعمق في المرض أو متخصص في عشان يعرف يتعامل معه. أنا بالأول مبسوطة لأنه اتشخصت ولأنه عرفنا شو إلي عم بصير بجمسي، بس كتير زعلت لأنه ما في أي دكتور بيقدر يتابع حالتي، وهي مسؤولية كاملة علي، وأنا كنت لسة طفلة، فكانت علي مسؤولية كبيرة، كنت بعرف إنه بقدر، بس كان بدي شوي أي دعم من طبيب” , وبسبب هذا المرض، يتعين إدخال أنبوب تغذية عبر أنفها وصولا إلى الأمعاء الدقيقة، لأن معدتها لم تعد تحتمل ولا تستطيع العمل بشكل طبيعي.
وبالرغم من كل هذه التحديات ، ترفض الشابة السماح للمرض بتغيير مسار حياتها. وحصلت على الحزام الأسود في التايكوندو، وأصبحت تعطي دروسا للأطفال في قبو منزلها , وتشارك إسراء قصتها وتجربتها على وسائل التواصل الاجتماعي، على أمل أن تزيل الوصمة المرتبطة بالأمراض المزمنة , وتقول إسراء التي أصبحت على وشك التخرج من المدرسة الثانوية ، إن حلمها هو دراسة الطب والتركيز على الأمراض النادرة.
وتقول إن الدافع وراء رغبتها هو محاولة مساعدة الناس في اختصار الوقت والجهد , وتضيف “بعد ما شخصت نفسي وتأكد هذا التشخيص، أدركت كم أنا عانيت وضيعت وقت في الغموض، قررت إنه من الواجب أساعد الناس عشان يختصروا هذا الوقت والجهد ويوصلوا لتشخيص ويبدأوا يلاقوا حلول لأمراضهم بشكل أسرع، فأنا طموحي للمستقبل إنه أتخصص بأي شي له علاقة بالأمراض، والأمراض النادرة بشكل متخصص، عشان أقدر أساعد أكبر عدد من الناس وأقدر أفيدهم وأدعمهم”.